ناجي جلول وإصلاح التعليم

قام وزير التربية ناجي جلول خلال مدة إشرافه على الوزارة بعدة إجراءات تحسب له وجلبت له شعبية خاصة لدى الأولياء. لكن في رأيي فإن هذه الإجراءات حتى وإن كان بعضها جيدا ومطلوبا فإنها لا ترتقي لمستوى الإصلاح الحقيقي للمنظومة التربوية التي تعد أهم ركائز البناء الحضاري في البلاد.

أهم خلل فيما يقوم به وزير التربية هو حالة العداء التي أصبحت بينه وبين عدد كبير إن لم يكن جل المربيين من معلمين وأساتذة. فحتى وإن كان الوزير على حق فمن المستحيل أن تنجح سياساته إن كان في حالة تصادم مع من يعد فعليا الذراع التنفيذية لتلك السياسات.

أما سبب هذا التصادم فهو في رأيي وجود خلل منهجي ولخبطة في التمشي الذي اختاره الوزير. فإصلاح التعليم لا يكون بإجراءات وقرارات تنهال تباعا الواحدة تلو الأخرى دون سابق إنذار ودون رابط واضح مع الأهداف المرجوة منها. فالإصلاح يتطلب دراسة يليها الإعلان عن حزمة إجراءات متكاملة ومتناسقة مصحوبة بالرؤية والأهداف التي تسعى لتحقيقها وأيضاً بمواعيد وآجال معروفة مسبقا للبدء في تنفيذ تلك الإجراءات أي وفق خارطة طريق واضحة المعالم، وهذا يكون بعد ضمان دعم ومساندة وانخراط قطاع واسع من المنتفعين كما الفاعلين في قطاع التربية وعلى رأسهم المربين.

غياب تمشي بهذا الوضوح في الأهداف والمنهجية يجعل الوزير يقع في بعض الأخطاء الخطيرة لعل أهمها الخلاف مع المربيين وأيضاً أخطاء في التواصل مثل التصريح أن التلاميذ هم "ملاكة" والبقية "كراية" بما في ذلك المربيين. تصريح كهذا علاوة على أنه زاد من حالة "العداء" بين المربين والوزير فإنه يزيد في تعميق أزمة التعليم في البلاد بما أنه يعطي رسائل سلبية جداً للتلاميذ أساسا ولأوليائهم تجعلهم يتدخلون بطريقة متعالية في مجال إصلاح التعليم من وجهة نظر مصلحتهم الشخصية الآنية بقطع النظر عن الاستراتيجية المتوسطة وطويلة المدى التي تسعى الدولة لتحقيقها. بل قد يكون زاد في تعميق واحد من أهم مواطن الوهن في المنظومة التربوية ألا وهو تواصل تدهور مكانة المربي وعلاقة الاحترام التي من المفروض أن تكون بينه وبين التلاميذ وأوليائهم.

وهذا موضوع كبير على الوزير أن يبدأ في أقرب وقت في إيلائه الأهمية التي يستحق.

فراس جبلون (Bac 1992)








Comments

تعليقات